الْبَحْرَ} [الشعراء: ٦٣]، وقادر على أن يردَّ الكفار على أعقابهم يوم حُنين من غير أن يَرمي النبي - صلى الله عليه وسلم - الحصى في وجوههم، ولكن الله تعالى إذا أراد إظهار معجزة لنبيّ من أنبيائه، أمره بفعلٍ يكون كسبب في الظاهر يرتبط به ذلك الأثر العظيم، وبهذا الفعل الذي يصدر من النبي، فيظهر عقبه الخارقُ، تزداد النفوس علماً بأن هذا الخارقُ إنما أظهره الله من أجله.
يصح أن يكون معنى هبة الأهل: جمعهم عليه بعد تشتت، ومعنى هبة مثلهم: تناسل أهله بعد معافاته إلى أن بلغ عددُ الفروع مقدارَ أصولهم، وإنما يمنُّ الله تعالى على رسول من رسله بجمع أهله عليه متى كان أهله يؤمنون به، ويؤيدون دعوته.
هذا حكايةُ قولٍ أوحى الله به إلى أيوب - عليه السلام -، وإذا قطعنا النظر عما أورده المفسرون من الروايات، واحتفظنا بحمل الألفاظ على معانيها الحقيقية مع مراعاة طريقة القرآن في الإيجاز، قلنا: إن أيوب - عليه السلام - صدر منه يمين على أن يضرب بعض من له أن يؤدبه بالضرب أسواطاً معدودة، لسبب لم يسمه القرآن المجيد، ولما كان المعروف في موجب هذا اليمين أن يكون الضرب بالأسواط مفرقة، أرشده الله إلى طريق أخفَّ من ذلك الطريق المعروف، وهو الضرب بضغث يجمع من الأعواد مقدارَ الأسواط المذكورة في اليمين.
ولعلك تعلم أن القرآن يكتفي من القصة بذكر موضع العبرة، ولم ينزل ليكون كتاب تاريخ حتى تنتظر منه أن يذكر: منِ المحلوف على ضربه؟