للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالنسبة إليه كان أمراً منطقياً بحكم ظروفه وانقطاع صلاته بتونس إلا مع هؤلاء.

وصحيح أنه قامت بتونس في مطلع الثلاثينات معارضة لأفكاره الأدبية والدينية المحافظة؛ كموقفه هو من دعوة الحداد إلى تحرير المرأة (١)، وموقف الشابي والمهيدي (٢) والسنوسي (٣) من آراء الخضر الأدبية.

لكن من الصحيح أيضاً أن كتاب الشابي "الخيال الشعري عند العرب" (٤) كان في عمقه الخفي معارضة لكتاب الشيخ الخضر حسين "الخيال في الشعر العربي" المطبوع لأول مرة في القاهرة عام ١٩٢٢ م؛ أي: قبل طبع كتاب الشابي بسبع سنوات، وأنا -وإن كنت أعتز بالرجلين العظيمين- فإني أختلف معهما في الكتابين.

لقد توسعت كثيراً في الحديث عن الثعالبي، والخضر حسين؛ لأننا نعتقد أن دورهما في المشرق هو الذي لفت أنظار واهتمام المثقفين العرب هناك إلى أن تونس لها تاريخ أدبي وثقافي هام جداً، وأن فيها نهضة حديثة، وأدباً جديراً بأن يعرف ويدرس، ثم لأن إشعاع الرجلين ما زال قائماً يضيء الكتابات والعقول إلى اليوم، خاصة في مصر والعراق وبلاد الشام.


(١) انظر كتابه: "رسائل الإصلاح" (ج ٣ ص ٢٩)، أو كتابه "بلاغة القرآن" (ص ١٣٢)، وهو من تنسيق حفيده للأخ.
(٢) عن موقف الشابي راجع: "رسائل الشابي" التي جمعها الحليوي، وقدمنا لها، ونشرناها عام ١٩٦٦، وعن موقف المهيدي: مجلة "الندوة" عدد خاص بالشابي - أكتوبر ١٩٥٣.
(٣) راجع: مجلة السنوسي (العالم الأدبي)، وكتابه عن الشابي.
(٤) طبعته الأولى عام ١٩٢٩.