للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهم من خلق عظيم، أو عمل خطير، أو حكمة بالغة، أو منزلة عنده سامية، أو ما أجراه على أيديهم من آيات، أو شرعه في عهدهم من أحكام.

ولا ندري كيف أورد كاتب المقال آية: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ} [هود: ١٢٠]، وليس فيها شاهد على أن المقصود من قصص الرسل - عليهم السلام - إنما هو الاعتبار بما أصابهم في سبيل الله، فإن تثبيت فؤاده - صلى الله عليه وسلم - زيادة يقينه، وطمأنينة قلبه، فالتثبيت بهذا المعنى يأتي من الاعتبار بأنباء الرسل - عليهم السلام -، ولو لم تكن من قبيل الحديث عما أصابهم في سبيل الله.

قال صاحب المقال: "وماذا عسى أن يكون من العبرة في أن يقص الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم -: أنه اصطفى أيوب لرسالته، ثم أمرضه، فأعجزه عن القيام بأعباء الرسالة، وما تتطلبه الدعوة من قول وعمل لا ينهض بها إلا سليم معافى"؟.

إن فيما قصه الله تعالى من شأن أيوب - عليه السلام - لعبرةً لأولى الألباب، رسولٌ من أكرم الرسل، وأعلاهم عند الله منزلة، يكون في نعمة؛ من صحة الجسم، وانتظام الشمل، فيصاب بالمرض، وانقطاع أهله عنه، يتلقى هذا المصاب بالصبر الجميل، حتى إنه لم يصرح بالدعاء، بل سلك به طريق التعريض؛ إذ ذكر في مناجاته: أنه في ضر، وأن رحمة الله أوسعُ من كل رحمة.

وإذا ذكَّر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - بشدة ما أصاب أيوب - عليه السلام - من البلاء، وبقوة ما كان يتلقاه من الصبر، قَوِيَ يقينه - صلى الله عليه وسلم - بأن شدة البلاء في الدنيا قد تنزل حيث يكون رضا الله عظيماً، والمقام عنده رفيعاً، وخفَّ عليه ما كان