من ناحية ثانية نظرة معتدلة حكَّم فيها عقله، فلم يتعصب تعصباً غير مشروط للتراث رامياً وراء ظهره ما جاءت به الحضارة من إيجابيات، كما أنه لم يهتز لهذه الحضارة وكأنها كلها الخير والتقدم، متناسياً منجزات الحضارة الإسلامية، وما جاءت به من إيجابيات:
١ - لم يناد بالتقوقع على الذات، والتغني بما فات، كما أنه لم يناد بالتحديث المجحف، كان موقفه موقف المعتدل، وقد عبر عنه بقوله:"يقع في وهم من لا يدري ما الإسلام: أن شريعته لا توافق حال العصر الحاضر، ويبني توهمه هذا على أن القوانين إنما تقوم على رعاية المصالح، ومصالح العصور تختلف اختلافاً كثيراً، فالدعوة إلى بقاء أحكامها نافذة هي دعوة إلى خطة غير صالحة، ذلك ما نقصد إلى تنفيذه، وتفصيل القول في دفع شبهته، حتى يثبت بالدليل المرئي رأي العين: أن الشريعة الغراء تساير كل عصر، وتحفظ مصالح كل جيل".
دعوة الخضر حسين هي أولاً: دعوة ضد الجمود والتعصب، والاكتفاء بالدوران في حلقة مغلقة، وثانياً: هي دعوة للاهتمام بقضايا العصر، والتفتح على الحضارة، بدون التفريط في مقوماتنا، وشخصيتنا الأساسية التي تميزنا عن غيرنا.
يقول:"وإن تعجب، فعجب ما يتخيله بعض من رُبي في مهد الجمود من أن هذا الدين القيم لم يرشد إخوانه إلا إلى العبادات المحضة، وأنه حجاب مسدول بينهم وبين المدنية".
هي دعوة إلى التوازن شعارها:(لا إفراط في الحداثة، ولا تفريط في التراث).