من البين أن القول الذي أهمله هو ظاهر القرآن؛ إذ المشار إليه في الآية واحد، فلماذا ترك صاحب المقال هذا القول الذي هو ظاهر القرآن، ونقل القول الآخر الذي لا يُقبل إلا إذا ثبتت به رواية؟!.
كان صاحب المقال قد حكى عن المفسرين: أنهم يقولون في تفسير قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ}[ص: ٤٣]: إن الله أحيا له أولاده الذين كان قد أماتهم، وولد له مثلهم، فنبهنا على أن من المفسرين من ذهب إلى أن هبة الأهل في الآية بمعنى: جمعهم بعد تفرق، وفهمُ هذا من الآية أقربُ من حملها على معنى إحيائهم بعد إماتتهم، فقال صاحب المقال في رده: "إذا كنت قد تركت من أقوالهم هذا القول، فإني لم أكن في تركه إلا ضد نفسي؛ لأن هذا المعنى إن لم يكن هو ما قلته في تفسير الآية، فهو قريب منه، أو هو مصحح لما فهمته في الآية؛ لأني قد فهمت في هبة الأهل هدايةَ الله لهم بدعوة أيوب، وإنذاره إياهم، وهم إذا استجابوا لدعوة أيوب، فقد اجتمعوا عليه بعد تفرق".
إذا كان يرى أن ما فهمه من الآية هو الصواب، أفلا يكون من الإنصاف للمفسرين أن ينقل عنهم ما كان قريباً من هذا الصواب، أو مصححاً له، ولا يقتصر في حكاية آرائهم على ما كان بعيداً من هذا الصواب، أو مناقضاً له؟.
كان صاحب المقال قدِ حكى ما قاله المفسرون في قوله تعالى:{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ}[ص: ٤٤]، وقال: "ثم يزيدون على ذلك: أن هذه رخصة باقية إلى اليوم؛ بشرط أن يصيب كل أعواد الحزمة جسم المضروب".