للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمل ضده. غير أن الشيخ الخضر لم يعد يطيق الحياة في تونس، بعد أن أعلنت الأحكام العرفية فيها، وعطلت الصحافة الوطنية دفعة واحدة، وبعد أن نفي أو سجن معظم القادة والمفكرين الوطنيين (١). بعد كل هذا وجد الشيخ الخضر نفسه يعيش في جو مكبوت ومكفهر، ومحبوك بالمؤامرات والأحابيل الاستعمارية، فحاول تغيير الجو على نفسه، والتنفس خارج حدود الوطن، فقام بعدة سفرات متوالية إلى الخارج، كانت أولاها إلى الجزائر عام (١٣٢٧/ ١٩٠٩).

* في الجزائر:

وفي الجزائر لقي من أهلها وعلمائها ترحيباً، وصدى لنزعته الدينية الإسلامية، فطاف بعدد من المدن الجزائرية، وألقى فيها العديد من المحاضرات والدروس الدينية. ثم عاد إلى تونس، فكانت هذه الرحلة بداية جديدة لحياة جديدة شرع الشيخ الخضر في بنائها لنفسه، ولأفكاره وميوله الإصلاحية (٢).

ولم يلبث بعد عودته إلا قليلاً حتى شرع يعد نفسه للقيام برحلة طويلة، عبر البلاد العربية والإسلامية التي تعيش تحت ظل الخلافة العثمانية.

* انجذاب للآستانة:

وكان معظم مفكري تونس ورجال الحركات الوطنية والدينية فيها يومئذ، يشعرون برابطة قوية، وبانجذاب كبير نحو عاصمة الخلافة، والبلدان التابعة لها، ويرون فيها كلها مراكز إشعاع خاص للدين والفكر والثقافة، بل


(١) "الحركات الاستقلالية ... " (ص ٤٢).
(٢) "أركان النهضة الأدبية" (ص ٤٢).