قصص الرسل هو الاعتبار بما أصابهم في سبيل الله؛ ليبني عليه أن المرض لم يكن مما يصيب في سبيل الله، فلا يقصه الله تعالى عن أيوب - عليه السلام -، ثمَّ رجع إلى أن قصص الرسل تأتي بما يتصل بأمر الرسالة، ويرتبط بسير الدعوة، ولما ذكرنا له شؤوناً قصها القرآن عن يوسف - عليه السلام -، وهي لا تتصل بأمر الرسالة، رجع فقال: إن ما جاء عن يوسف مفصل طويل استغرق من طفولته إلى كهولته. ومعنى هذا: أن القرآن قد يقص عن حال الرسل ما لا يتصل بأمر الرسالة، ولا يقصد به الاعتبار بما أصاب في سبيل الله، متى كانت القصة مفصلة طويلة.
وهذا مردود بأن ما ذكر في القرآن، وهو لا يتصل بالرسالة، ولا بأمر الدعوة، إن كان خالياً من العبرة، فالقرآن لا يأتي من القصص إلا بما فيه عبرة، وإن كان مشتملاً على عبرة، فالعبرة التي تستدعي ذكر الشيء المفصل الطويل، تصلح أن تكون داعية لذكر أمثاله في القصة الموجزة.
ثمَّ نقول لصاحب المقال: لا يفيدك أن تكون الحوادث التي اشتملت عليها قصة يوسف عظيمة، ولا أن شؤونها مختلفة، وأن أمورها ذات خطر، وإنما يفيدك أن تبيّن كيف كانت تتصل بأمر الرسالة، وتربط بسير الدعوة، أما أنها تدل على فضل، فصبر أيوب - عليه السلام - بالمعنى الذي يقوله المفسرون يدلّ على فضل.
وأما قوله:"مما يصح أن يمتاز به الأنبياء عن غيرهم"، فالمعروف أن الأنبياء - عليهم السلام - يمتازون بالوحي والمعجزات، وبأن أخلاقهم أكمل، وأعمالهم في الإخلاص أبلغ، ومقاماتهم عند الله أرفع، ولم يقل أحد: إن الأنبياء يمتازون بنحو: الإلقاء في الجب، والبيع بالثمن البخس، والامتناع