والظاهر: أن رحلته إلى ألمانيا، وإقامته هناك، وتعلمه اللغة الألمانية، واطِّلاعه من خلالها على الثقافة الغربية، فتحت فكره، وأنضجت أفكاره، ووسَّعت أفقه، وأعطت لمنهج إصلاحه بُعداً حضارياً وعالمياً لم يعهده الكثير من شيوخ الأزهر في عصره.
كما اتجه الشيخ إلى تأسيس الجمعيات الإسلامية، وهو المنهج الذي اختاره أنصار (الجامعة الإسلامية) في التعريف بقضايا الأمة، والدفاع عنها، وجمع كلمتها تحت راية إسلامية واحدة (١).
فاشترك مع جماعة من الغيورين على الإسلام سنة (١٣٤٦ هـ = ١٩٢٨ م) في إنشاء (جمعية الشبان المسلمين)، ووضع لائحتها الأولى مع صديقه محبِّ الدين الخطيب، وقامت الجمعية بنشر مبادئ الإسلام، والدفاع عن قيمه الخالصة، ومحاربة الإلحاد العلمي. ولا تزال هذه الجمعية بفروعها المختلفة تؤدي بعضاً من رسالتها القديمة. وقد كان ميثاق الجمعية يبدأ بهذه الكلمات:"عليّ عهدُ الله وميثاقه، لأقومَنَّ بقدر طاقتي: أولاً - بإحياء هداية الإسلام في عقائده وآدابه، وأوامره ونواهيه ولغته، ومقاومة تيار الإلحاد والإباحية، المهددين لهذه الهداية ... "، وأصدرت الجمعية العدد الأول من مجلتها في جمادى الأول سنة (١٣٤٨ هـ / أكتوبر ١٩٢٩ م).
وكتب يحيى الدرديري المقالة الافتتاحية، مشيراً فيها إلى ما ينشره دعاة الإلحاد من سموم باسم التجديد، داعياً إلى الرجوع للقرآن، واتخاذِه
(١) انظر: عميراوي الحميدة، الأمير خالد وخطاب الحركة الوطنية الجزائرية، ط ١، الجزائر: دار الهدى، ٢٠٠٧ م، (ص ٨٩ - ٩٢).