يألفه الناس في عصره؛ من اختصار الخليل، وشروحه، وحواشيه. والذي نبهّه إلى هذا: هو أبو بكر بن العربي، حينما قرأ مؤلفاته، فهو يدرس الشريعة بذوق عقلي إن صح التعبير، وهذا التعبير قاله ابن رشد: الذوق العقلي، ولم يستعمله غيره؛ لذا أعجب بأسلوب أبي بكر بن العربي، وهو أسلوب قوي في اللغة العربية، وبأسلوبه في تناول الدراسات الحديثية، والدراسات الفقهية، وتفسير القرآن، فانصرف إلى هذا الجانب.
ولكنه لم يتخلّ عن اللغة العربية؛ بدليل أنه لما تقدم إلى جماعة كبار العلماء في القاهرة، قدّم هذا الكتاب، وهو:"القياس في اللغة العربية"؛ لينال به هذه العضوية، التي تشترط بصاحبها أن يقدم بحثاً جديداً فيه أصالة، وفيه تظهر شخصية الباحث، فنال هذه الدرجة لإجماع الذين قبلوا عضويته في هذه الجماعة.
وكذلك الدراسات اللغوية الأخرى انتهى إليها بدافع علمي، وهي الدراسات التي قدمها لمجمع اللغة العربية في القاهرة، وكان عضواً فيه، وكذلك "المجمع العلمي العربي بدمشق. قدّم لهذين المجمعين أبحاثاً لغوية متميزة في وضع المصطلحات، سواء كانت تتعلق بمتن اللغة نفسِها، أو تتعلق بالمدارس الأخرى؛ بتصحيح الروايات التي تتحدث عن مشافهة العرب، واستعمالاتها، وأوضاعها في اللغة.
فهو لا يقبل إلا ما كان صحيحاً في سنده وروايته، ولا يقبل أقوال بعض علماء اللغة الذين لا سند لهم بالطريقة التي يراها هو صحيحة تصل إلى كبار المصادر والموارد اللغوية القديمة؛ كسيبويه، ونفطويه، والسكاكي، والأخفش، ومن إليهم من كبار العلماء.