للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى أن صارت الخمسون خمساً.

قال صاحب المقال: "أما أنها حيلة، فليس للكاتب مناص من القول بذلك؛ إذ الحيلة ليست شيئًا غير معالجة الوصول إلى غاية من غير طريقها المقدر لها، حين يتعذر أو يتعسر سلوك هذا الطريق إليها، وما دام أيوب - عليه السلام - كان قد حلف على غير هذه الصورة، فحصول تلك الصورة للخلوص من يمينه يجعلها حيلة لا محالة".

بعد أن يشرع الله تعالى الضرب بالضغث، ويجعله كافياً عن الضرب مئة سوط مفرقة، يصير الضرب على نحو المشار إليه من قَبيل العمل الذي يوصل إلى غاية من طريقها المقدر لها.

وكان صاحب المقال قد قال في ذلك المقال: "وإذا كان الله قد أراد أن يُعفي أيوب من يمينه، فماذا يمنعه أن يُعفيه بدون تلك الحيلة، وهي منه ومن أجله؟ ".

فقلنا تعليقاً على هذا: "إن الكفارة عن اليمين إنما شُرعت في الإِسلام، فالحالف في عهد أيوب ليس له إلا فعلُ المحلوف عليه، فأرشد الله أيوبَ إلى وجه أخف. ومن الذي يستطيع أن ينكر أن الله قد يخفف بعض الواجبات المشتملة على مشقة، فيسقط بعضها، أو يقيم ما يشبهها من بعض الوجوه مقامها؟ ".

فكان من صاحب المقال أن قال في رده: "فلم لم يشرع الكفارة في هذا الوقت، وقد اقتضتها الأحوال والحوادث، بدلَ أن يشرع هذه الصورة التي إن لم يسلم الكاتب أنها حيلة، فهي على الأقل على صورة الحيلة؟ "، ثم قال: "أمَّا تلك الصورة التي يزعمها المفسرون، فهي أشبه شيء بالعبث،