الصحابة، ولم يرووا - فيما نعلم - عن أحد منهم معنى غير هذا المعنى، ودعوى أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفضلاء التابعين وقفوا في تفسير الآية أمام تلك الإسرائيليات مكتوفي الأذهان، مغلولي الأيدي، لا نراها إلا دعوى ناشئة عن نظرة عجلى.
قال صاحب المقال في رده:"وإذا صحَّ أنه يفهم من الآية، فأي مناسبة بينها وبين الآيات قبلها؟ وما معنى قوله حينئذ بعد هذا:{إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا}[ص: ٤٤]، وليس في ذلك دليل على صبر؟ ".
ذكر الله تعالى من قصة أيوب - عليه السلام -: أنه نادى ربه لاجئاً إليه مما مسه به الشيطان من النصب والعذاب: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ}[ص: ٤١]، فاستجاب الله نداءه، وأراد كشفَ التفسير عنه على طريق معجزة، فأمره بضرب الأرض برجله، فنبعت عين بماء بارد، فأذن له في الاغتسال والشرب منه، فعوفي:{ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ}[ص: ٤٢]، ثم أنعم عليه بعد المعافاة بنعمة أخرى هي جمعهم عليه بعد إنقطاعهم عنه:{وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ}[ص: ٤٣]، ثم عطف على هذا نعمة أخرى هي: أَنْ خفف عنه حكم يمين تتعلّق ببعض أتباعه: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ}[ص: ٤٤]،
فتضمنت الآيات: أن الله تعالى أنعم على أيوب - عليه السلام - بثلاث نعم، هي: معافاته من المرض، وجمع أهله حوله، وتخفيف حكم اليمين عنه، وعد هذا من النعم؛ لأنه كان يود أن المحلوف على تأديبه لم يأت الأمر الذي أوجب هذا الأدب، وبعث على هذه اليمين.
ثم ختمت القصة بالإيماء إلى أنه حقيق بأن يكون مظهراً للعناية، ومصباً