سانحة لنكرَّم هذا العَلَم في رأسه نار، نال الشهرة في المغرب والمشرق وأوروبا، وتعددت مواهبه، وسطع نجمه في تونس مع مطلع القرن العشرين، عندما كان مثل الشيخ عبد العزيز الثعالبي، والشيخ الضرير محمد شاكر، ومع ثلة من خريجي (لصادقية)، منهم الأخوان: علي، ومحمد باش حانبة، يبذر في المجتمع التونسي روح المبادرة والتجديد والتنوير من خلال مجلته "السعات العظمى"، ومحاضراته ومسامراته المجذّرة للهوية التونسية، والمدافعة عن الأصالة، والمواجهة بكل أشكال الطمس والمراقبة والمعاقبة التي كان يفرضها نظام الحماية الفرنسية.
دافع عن الحرية، ودعا عالياً إلى الإصلاح، وردَّ على متهم اللغة العربية بالجمود والموت. وعندما ضاقت به السبل، شدّ الرحال إلى الشام، فكان في العقد الثاني من القرن العشرين إلى جانب الشيخ صالح الشريف خير مدافع عن العروبة والإسلام، الأمر الذي عرّضه للسجن، وهدده بالإعدام.
ثم رحل إلى مصر، وانتسب إلى الأزهر، فانضمت إلى ما نهله في الزيتونة لَبِناتٌ أزهرية، زادته رسوخاً في العلم، وبوّأته مكانة كبرى في أرض الكنانة.
فاختير شيخاً للأزهر، وجد د فيه الحياة، وأحدث في الإسلام طفرة من التجديد، وكذلك -كما قال عنه عبد العظيم الزرقاني-: جدّد بعزمه من شباب الإسلام.
لقد جمع الشيخ العلامة بين التدريس والمحاضرة، والتحرير والإفتاء. وكان بيته بالقاهرة قبلة القصّاد، ومحط رحال التونسيين الوافدين إلى مصر، ومنهم: الرئيس الراحل الحبيب بورقيية، والشيخان: محمد الفاضل بن عاشور،