للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخروج من ألم استبطاء النصر، فهي بمثابة بشارة بنجاح دعوته متى أكد العزيمة، واستتم الثقة، فيكون قوله: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} [ص: ٤٢]، قد وقع موقع الاستجابة.

وهذا الذي كتبه لا يليق رداً على ما كتباه؛ لأن موضوع البحث هو أن الوجه الذي فسر به الآية لا ينتظم معناه إلا أن يجعل الآية من قبل الشكاية الدالة على وهن في العزيمة، وضعف في الثقة، وعدم القوة في السير إلى الغاية، وكان ردنا على هذا: أن خطاب أيوب من قبيل الدعاء الخالص، وهذا المعنى موافق لما قاله المفسرون، أما وهن العزيمة، وما عُطف عليه، فشيء زائد على ما يقتضيه حال الدعاء.

ثم قلت في الرد: "وإن سلمنا أن قوله: {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} [ص: ٤١]، من قبيل الشكوى، فليس من لوازم شكوى الرسول إلى الله من إعراض قومه عن دعوته أن يكون واهن العزيمة، ضعيف الثقة، عادمَ القوة في السير إلى الغاية، والشكوى إلى الله تعالى من التفسير تكون مع الصبر، كما أن الشكوى إلى الله من إعراض القوم تكون مع قوة العزم".

فقال صاحب المقال في رده: "أنا لم أقل: إن هذه الشكوى وهن في العزيمة، ولكن قلت: تشعر بوهن في العزيمة، وما أظن الكاتب يجهل الفرق بين العبارتين، ولما كانت حسنات الأبرار سيئات المقربين، كان الجواب الطبيعي من الله مؤدبِ الأنبياء هو أن يقول له: اعقد العزيمة، وأكدها، وذلك ما يغسل عنك ألماً أنت فيه من بطء دعوتك وإعراض قومك".

لم أحك عنه إنه قال: إن شكاية أيوب وهن في العزيمة، بل حكيت عنه أنه قال: "ولما كانت الشكوى قد تشعر بوهن في العزيمة، وضعف في