ونحن نذكر أشهر أقوالهم، ونقرر ما هو الراجح من جهة الدليل:
أولها: أن المراد من السبعة الأحرف: أصناف من الكلام، وهي: النهي، والأمر، والحلال، والحرام، والمحكم، والمتشابه، والأمثال، واستدل هؤلاء بحديث ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"كان الكتاب الأول ينزل على سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر، وآمر، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال، فأحِلّوا حلاله، وحرِّموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه"(١).
وردّ هذا الرأي بأن حديث:"أنزل القرآن على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه" يدل على أن الأوجه السبعة المذكورة قد تجتمع في كلمة، والأحرف- بمعنى الأصناف المذكورة في حديث ابن مسعود - لا تجتمع في كلمة واحدة، ثم إن حديث عمر بن الخطّاب، وهشام بن حكيم يدل على أن اختلاف الأحرف يرجع إلى اللفظ دون المعنى، فإنهما لم يختلفا في تفسيره، وإنما اختلفا في قراءة حروفه.
وإذا لم يصح أن يكون حديث ابن مسعود مفسِّراً لحديث:"نزل القرآن على سبعة أحرف"، فمن المحتمل أن يكون قوله:"زاجر، وآمر، وحلال ... إلخ " كلام مستأنف. ولم يرد به تفسير الأحرف السبعة، أو يحمل على أنه تفسير للأبواب في قوله:"على سبعة أبواب"، لا للأحرف
(١) رواه أبو سلمة عبد الرحمن عن ابن مسعود، وأبو سلمة هذا لم يلق ابن مسعود، فهو منقطع. وأخرجه البيهقي من وجه آخر عن الزهريّ عن أبي سلمة، مرسلاً، وقال: هذا مرسل جيد.