ونرى من البعيد أيضاً أن يقصد الحديث إلى أن يعد ما يختلف فيه اللفظان بحروف متقاربة حرفاً، وما يختلف فيه اللفظان بحروف متباعدة حرفاً، بل الظاهر أن ما يختلف بالحروف حروفاً متقاربة أو متباعدة يعدّ حرفاً واحداً.
ولا يتمشى هذا القول مع من يرى أن السبعة الأحرف باقية في المصحف.
ونحن نستبعد أن يلاحظ في الحديث إلى أن يعد ما يختلف فيه اللفظان بحروف منقوطة، أو تغير بحروف متقاربة أو متباعدة حرفاً من الأحرف السبعة في الحديث يعدُّ اختلاف الألفاظ بنقط بعض حروفها، أو بحروف متقاربة أو متباعدة حرفاً مستقلاً.
رابعها: إن الأحرف السبعة ترجع إلى كيفية النطق بالتلاوة من إدغام وإظهار، وتفخيم وترقيق، وإمالة وإشباع، ومدّ وقصر، وتخفيف وتليين وتحقيق؛ لأن العرب كانت مختلفة اللغات في هذه الوجوه، فيسَّر الله عليهم؛ ليقرأ كل إنسان بما يوافق لغته، ويسهل على لسانه.
خامسها: أن المراد من الأحرف: اللغات، وإلى هذا ذهب أبو عبيد، والزهريّ، وصححه البيهقي في "شعب الإيمان"؛ أي: أن القرآن نزل على سبع لغات من لغات العرب. والمراد: أن اللغات السبع مفرَّقة في القرآن، لا أن كل كلمة تقرأ سبع لغات.
وإذا اعتمدنا تغير الأحرف باللغات، فإنما نعني: أن الله تعالى أنزل القرآن على هذه اللغات حتى يتيسر لكل عربي أن يقرأه على وفق لغته، لا أنه أباح للعرب أن يقرأ كل القرآن بلغته، ولو لم يسمع القراءة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ويدل على أن هذه الأحرف متلقاة من النبي - صلى الله عليه وسلم -: حديث عمر، وهشام؛