للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الحرية، فمن الأئمة من خص شرطها بالشهادة، ومنهم من لم يشترطها في الشهادة، فأجاز شهادة غير الحر.

وقد روى البخاري في "صحيحه" من الآثار والسنة ما يدل على جواز شهادة غير الحر؛ كروايته للأخبار النبوية.

ويفترقان بالتعدد، فالشاهد لا بد أن يكون متعدداً، وراوي الخبر الشرعي يقبل وإن كان واحداً.

وإنما اشترط التعدد في الشهادة دون الأخبار الشرعية؛ لأنها تقع على أمر خاص بشهادة الرجل بأن لزيد ديناراً على عمرو، فهي بيان لا يتعدى زيدًا إلى غيره، فاحتمال أن يكون بين الشاهد الواحد وبين عمرو عداوة حملته على الشهادة عليه، وبالتعدد يضعف، أو يزول الاحتمال؛ بخلاف الأخبار الشرعية؛ كما روى الراوي في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات" من التعلق بالمكلفين عامة، فلا يظهر الاحتمال الذي جاز أن يكون في الشهادة.

فالشارع احتاط للحقوق، وتجنب شهادة الزور ما أمكن تجنبها، فلشهادة من يوثق بشهادته فائدة عظيمة في إقامة الحقوق؛ فقد خلق الله الإنسان مدنياً بالطبع، والمدنية تقتضي الاجتماع والتعامل، وفي الناس من يبتغي منفعته بالحق أو بالباطل، والشاهد الذي يوثق بشهادته هو الذي يبين صاحب الحق من صاحب الباطل، فشارع الشهادة المعتد بها بين الناس شارع حكيم.

والإِسلام أخذ في صفات الشاهد أن يكون عدلاً، والعدالة: ألا تصدر من الإنسان كبيرة، وإذا وقعت منه صغيرة، لا يصر عليها.

ونص الفقهاء على أنه إذا عمّت في الناس معصية يعاقب صاحبها العقاب