والعزيمة إذا نسخها نص، فالناسخ هو العزيمة، وإن كان أقل مشقة من العزيمة المنسوخة؛ كوقوف العشرين من المسلمين في وجه المئتين من العدو، وهو الأصل؛ فإنه نسخ بالنص، أعني قوله تعالى:{فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}[الأنفال: ٦٦].
والرخص: جمع رخصة، وهي السهولة واللين، ويخاطب بها من يشق عليه الشدة التي تقع في العزائم؛ كالتيمم لمن يشق عليه الوضوء، أو الصلاة من جلوس لمن يشق عليه الصلاة قائماً.
وأصل الرخصة في حكم الشرع: الإباحة، ولا تبلغ بصفتها رخصة أن تكون مستحباً أو واجباً، فإن تجاوزت الرخصة أصلها، وبلغ الداعي إليها حد الإشراف على الموت؛ كأكل لحم الميتة للمضطر إليه، فتصبح الرخصة عندئذ عزيمة؛ لأن تركها يؤدي إلى قتل النفس، وهو محرّم بالإجماع.
والعزيمة قد تكون فيها مشقة عادية يحتملها الإنسان راضياً محتسباً أن الله يحفظه من الهوان والخزي في الدنيا، ويجزيه بالحسنى في الآخرة.
والعزيمة قد تسقط إذا ترتبت على فعل خطأ في حق الله؛ كمن باشر أجنبية يظنها امرأته، فتسقط عنه العزيمة، وهي حدّ الزنا بسبب هذا الخطأ؛ لأن الحدود من حقوق الله.
ولا تسقط العزيمة في حق المخلوق، ولو كان الفعل خطأ؛ كوجوب الدية على القاتل خطأ، أو ضمان المال الذي أتلفه.
وقد تسقط العزيمة بالنسيان كمن أفطر يوماً في رمضان يظنه من شعبان.