فإنها وقعت في السنة المقبلة من الرؤيا، وكرؤيا يوسف - عليه السلام - المشار إليها بقوله تعالى:{إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ}[يوسف: ٤].
وقد تاأولها يوسف عندما خرَّ له أبواه سجّداً، فقال:{هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ}[يوسف: ١٠٠].
وكان ذلك بعد رؤيته بسنين.
وقد نهى الإسلام عن الكذب في المنام، وعدَّه النبي من أكذب الكذب، فقال كما جاء في الصحيح:"من أفرى الفرى أن يُرِي عينيه ما لم تر"، وفي الصحيح أيضأ:"من تحلَّم بحلم لم يره، كلّف أن يعقد بين شعرتين، ولن يفعل".
والرؤيا الصادقة إن كانت واضحة، أو أوِّلت تأويلاً صادقا، من قبيل معرفة بعض ما في الغيب، ولم يجعل الإسلام الاطلاع على الغيب طريقاً من طرق إثبات الأحكام، ومن هذا قال النبي:"إنكم تختصمون إليَّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحنَ من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع"، وقال الأصوليون: الإلهام ليس بحجة.
وجاء في الصحيح: أن الإنسان قد يرى في النوم ما يكدره، وذكر آداباً إذا قام بها، لا يضره بشيء؛ كالاستعاذة من الشيطان الرجيم، وأن لا يقصها على أحد.
فالرؤيا الصادقة وتأويلها قد اعترفت بها الأديان السماوية، بل قال بها غير المتدينين أيضاً، وأتى الإسلام فأقرها، ووكل أمرها إلى عارف بتأويلها إن كان في حاجة تأويل.