وفي حديث آخر:"اجتنبوا السبع الموبقات"، قيل له: ما هي يا رسول الله؟ قال:"الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات، وأكل الربا". وليس في الحديث حصر للكبائر في سبع، وإنما فيه ذكر سبع منها.
وحديث ابن عباس في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مرّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبرين، فقال:"إنهما ليعذّبان، وما يعذَّبان في كبير"، وفي رواية:"وإنه لكبير، أما أحدهما، فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر، فكان يمشي بالنميمة" .. أما النميمة وهي نقل كلام الغير للإضرار به، فكبيرة، وأما عدم الاستتار من البول، فكبيرة؛ للمواظبة عليه، والصغيرة تأخذ حكم الكبيرة بالمواظبة.
وألحق العلماء بما ذكر في الكتاب والحديث من الكبائر ما كانت مفسدته عظيمة؛ كمفسدة الكبائر المنصوص عليها، وألحقوا بالصغائر ما تكون مفسدته قليلة، وتقدير المفسدة يرجع إلى المجتهد في الشريعة؛ لأنه هو الذي يعرف مقدار المفسدة التي جعلها الشارع مقياساً للحكم على الكبيرة والصغيرة.
وذكر الفقهاء الكبائر والصغائر في حقيقة الشهادة، قالوا: يقدح في الشهادة ارتكاب الشاهد لكبيرة، أو إصراره على صغيرة، وفسروا الإصرار على الصغيرة بأن تتكرر منه، ولا يظهر التوبة منها، ولا الندم عليها، وارتكابه للذنوب الصغيرة مع الإصرار عليها دليل على استخفافه بالشهادة.
وذهب أهل السنّة إلى أن فاعل الكبيرة يعذب عذاباً شديداً، ولا يخلد في النار كما يخلد المشركون، ويؤيد ما ذهبوا إليه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا