وكان النذر مشروعاً في الأمم السابقة، قال الله تعالى قاصّاً عن امرأة عمران:{رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[آل عمران: ٣٥].
وقولها:{مُحَرَّرًا} معناه: أنه يزهد في الدنيا، ويقوم على عمل الآخرة، ويكون في خدمة الكنيسة. وقال تعالى في قصة مريم - عليها السلام -: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا}[مريم: ٢٦].
وكان عدم الكلام في شريعتهم داخلاً في الصوم، وذكر القرآن أن أتباع عيسى - عليه السلام - ألزموا أنفسهم واجبات لم يقضها الله عليهم، فتركوا الدنيا وشهواتها؛ كالتزوج بالنساء، ونحوه، ولكنهم لم يراعوها حق رعايتها؛ أي: لم يحافظوا عليها حق محافظتها، فذمّهم الله بذلك، ومعلوم أن الذم موجّه إلى من لم يراع ما التزموه بأنفسهم حق رعايته. ومن بقاياهم أرباب الصوامع الآن.
وكنت حضرت في احتفال ببرلين ألقى فيه أحد المنتمين إلى الإسلام خطبة قال فيها:"إن إبراهيم - عليه السلام - قد نذر ذبح ابنه على عادة الأمم المتوحشة، ففداه الله بذبح عظيم".
ونبهت بعض من يتصل بالمحاضر إلى الآية التي صرحت بأنه رأى في المنام أنه يذبحه، ورؤيا الأنبياء وحي، وهذه الرؤيا ابتلاء من الله لإبراهيم - عليه السلام -, فلما كاد أن يفعل ما أمر به، وظهر صدقه، فداه الله بذبح عظيم، ولولا أن الكلمة التي قالها المحاضر قيلت في احتفال رسمي، ونشرت في الصحف الألمانية، لما كتبتها.