في ذلك، وكتب إلى عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يشكوني، فكتب إليَّ عثمان أن أقدم المدينة، فقدمتها، فكثر عليّ الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذلك لعثمان، فقال لي: إن شئت تنحيت فكنت قريباً، فذاك الذي أنزلني هذا المنزل، ولو أمّروا علي حبشياً، لسمعت وأطعت.
والآية ظاهرة فيما ذهب إليه أبو ذر الغفاري من أنها عامة في المسلمين وأهل الكتاب، فأبو ذر كان يعرف أن ادخار ما أديت زكاته لا يدخل في وعيد آية:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ}[التوبة: ٣٤].
إنما كان يدعو إلى الزهد في الدنيا، ويشتد في دعوته، ويحث الناس على إخراج ما زاد على حاجتهم، والزهد البالغ إنما يسلكه الخواص من الناس، ويطالب به عامتهم بدعوة لينة.
قال أبو بكر بن العربي في هذه الواقعة:"وإنما كان الصحابة قد يختلفون، وربما أغلظ بعضهم لبعض قولاً، فشكاه معاوية إلى عثمان، فأرسل إليه عثمان؛ ليكون مجاوراً له في الأماكن الطيبة ... إلخ".
وفي ترتيب الأعضاء المذكورة في قوله تعالى:{يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ}[التوبة: ٣٥] نكتة لطيفة؛ لأن قصد الذي يكنز المال إمّا نيل وجاهة واسعة، أو كل طعام طيب، أو لبس ثوب ناعم، فجاء كيّ الجباه مناسباً للراغب في الوجاهة، وكيّ الجنوب ملائماً للقاصد أكلاً، وكي الظهور موافقاً للباغي ثوباً يطرحه على ظهره وجسمه.
وذكر القرآن الكريم في آية:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ}[التوبة: ٦٠] مصارف الزكاة، ومن بين المستحقين: المؤلفة قلوبهم، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطي من الزكاة