على فقرائهم، فإن لم يوجد في موضع الزكاة فقير، نقلت إلى غيره، وإن كان في غيره من هو أشد حاجة إلى الزكاة، نقل بعضها إلى هذا الفريق، مع رعاية الأقرب بلداً فالأقرب.
وقال الشافعي: لا يعطى من الزكاة القادرُ على الكسب.
ويرى كثير من الأئمة إعطاءها للفقير، ولو كان قادراً على الكسب؛ لعموم الآية والحديث.
ومذهب الشافعي أدعى وأحث على العمل للفقير من مذهب الجمهور، فالفقير القادر على الكسب إذا علم أنه يعطى من الزكاة، ترك العمل.
ومن امتنع من دفع الزكاة، أُخذت منه قهراً، فإن قاتل دونها، قوتل.
ولما امتنع جماعة من دفع الزكاة إلى أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وتأولوا قوله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}[التوبة: ١٠٣].
فزعموا أن دفع الزكاة إنما يكون للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو الذي خوطب بالآية، قال أبو بكر الصديق: لأقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة، وقاتلَهم.
فالذين قاتلهم أبو بكر صنفان: صنف منع الزكاة وهو مُظهر للإسلام، وصنف ارتد علناً بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
والأصل فيما يخاطب به - صلى الله عليه وسلم - أن يكون خطاباً للأمة، فيقوم به من يتولى أمورهم، ما لم يقم دليل واضح على أنه من خصائصه.
وظاهر من مثل قوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [المدثر: ٤٢ - ٤٤]: أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، ولكن لا تقبل منهم إلا إذا اعتقدوا، وأقروا بشروط صحتها، وهو الإسلام.