للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعتمد في تقرير الأحكام، وإنما وردت أحاديث عامة في الإمامة، فمن الأئمة من أخذ بالأحاديث العامة، فقال بصحة الصلاة وراء الفاسق مع الكراهة، ومن الأئمة من لم يجوِّز الصلاة وراءه، إلا إذا خشي إثارة فتنة. واستند هؤلاء إلى أن الإمامة وظيفة شريفة كالشهادة، فلا يوضع فيها إلا عدل، أو مستور الحال.

وألقيت في بلاد الجزائر درس تفسير تعرضت فيه لقراءة المأموم وراء الإمام، وذكرت مذهب من يقول: إذا صلى المأموم في مكان لا يسمع قراءة الإمام، فليقرأ وحده - وهو مذهب أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - فاستحسن الشيوخ الحاضرون هذا المذهب، واقتضت المناسبة ذكر الآية:

{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: ٢٠٤]. والإنصات للقراءة ورد في الآية مقروناً بالاستماع، وإذا كان الاستماع غير متيسر، فلا يجب الإنصات، بل يقرأ الماموم ما شاء؛ خشية أن يشتغل بالتفكر في أمور خارجة عن الصلاة.

ويدل على أن الشارع يريد تنظيم الجماعة في المسجد على وجه مألوف للجميع: نهيه عن وجود رائحة كريهة؛ كرائحة الثوم بالقرب من المسجد، قال - صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيح: "من أكل من هذه الشجرة - يعني: الثوم -، فلا يقربن مسجدنا"، ومن رواية في الصحيح أيضاً: "من كل ثوماً أو بصلاً، فليعتزلنا، أو ليعتزل مسجدنا، وليصلّ في بيته"، وروى مسلم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا وجد ريحها في المسجد، أمر لإخراج من وجدت فيه إلى البقيع.

وقد وصف الكتاب الحكيم عمّار المساجد بحقيقة الإيمان بالله واليوم الآخر، فقال تعالى: