على قطارات، أولها عندك، وآخرها عندي، فتبين بذلك أنه يأخذ أموال الناس بغير حق.
ومن عدالة عمر بن عبد العزيز: أنه كان ينكر على سليمان بن عبد الملك الخليفة قتله الرجل لمجرد شتمه له، ويقول له: ليس لك إلا أن تشتمه كما شتمك.
وقد كنت - بعد أن نلت درجة العالمية من جامعة الزيتونة - أنشأت مجلة (١) علمية أدبية، وهي أول مجلة أنشئت بالمغرب، فأنكر عليَّ بعض الشيوخ، وظن أنها تفتح باب الاجتهاد؛ لأني قلت في أول عدد منها:"ودعوى أن باب الاجتهاد مغلق لا تُسمع إلا مع دليل يبطل الدليل الذي انفتح به أولاً"، وشجعني على إنشائها شيخنا أبو حاجب، وقال لي في باب الشفاء من جامع الزيتونة: أقول لك ما قاله ورقة بن نوفل: "ما أتى أحد بمثل ما جئت به، إلا عودي". وكان ممن شجعني عليها كذلك الوزير محمد أبو عتور، وشكا إليه بعض الشيوخ مما نشر في المجلة فيما يتعلق بالخطابة، فأجابه الوزير، وكان من العلماء الأجلة، ورأيت له نسخة من "المفتاح" للسكاكي كتبها بخط يده الجميل: إن ما تنشره المجلة لا يعارض الشرع، ولا القانون.
ومن قلد إماماً من المجتهدين، لا ينبغي له أن يغض من قدر غيره.
وإن كان ولا بد من انتصاره لمذهبه، فيكون بتقوية حجته، وليكن ذلك بحسن أدب مع الأئمة؛ فإنهم على هدى من ربهم.
وقد ضل بعض الناس، فحمله التعصب لمذهبه على التصريح بما
(١) انظر كتاب الإمام: "السعادة العظمى"، وهو يضم مقالات الإمام في مجلة "السعادة العظمى" التي أصدرها بتونس عام ١٣٢٢ هـ ١٩٠٤ م.