الزوجية، فتفرق بين الزوجين تفريقاً جسدياً من غير طلاق، بمعنى: أنه لا يجوز لأحد منهما عقد زواج جديد. وهذا الحكم مأخوذ من "إنجيل متى"(٥: ٣٣)، ولكن لما قامت في أوربا النظم اللادينية، وانفصلت الدولة عن الكنيسة في التشريع، واعتبرت الزواج عقداً مدنياً لا يراعى فيه أي اعتبار ديني، أبيح الطلاق بحكم من القاضي؛ بناء على قضية يقيمها طلاب الطلاق من الزوجين.
وقد وضع القانون لهذا النوع من القضايا شروطاً عسيرة التنفيذ، تطيل زمن التقاضي، حتى يبلغ أحياناً بضع سنين، فإذا ثبت بعد هذا كله ضرورة الطلاق؛ للخيانة الزوجية، أو العقم، أو الضرر الشديد، حكم القاضي بالطلاق.
ولشدة هذه الشروط، وعسر التوصل إلى الطلاق، فشا بين الأوربيين أن يتفق الزوجان المتنازعان على الفراق، وسلوك كل منهما المسلك الذي يرتضيه من غير تقاضٍ، ولا إثبات طلاق، وفي هذا من الفساد ما نعيذ المسلمين من التعرض لأمثاله لو أخذوا بتقييد الطلاق.
وإن التقييد - مهما يسرت سبله - سيعرض الأسر لفضح الأسرار، وكشف الخطايا، والدين الإسلامي حريص على صيانة الحرم والأعراض. ولو اكتفى بأي بينة، لعاد الأمر إلى أسوأ مما يشتكى منه اليوم من كثرة حوادث الطلاق، فستلصق التهم بالأبرياء، وتقذف المحصنات الغافلات بما يندي له جبين الفضيلة، ويزعزع أركان الأخلاق.
ومن ذا الذي يقدم على زواج امرأة وقفت بين يدي القاضي، وقضى عليها بأنها سيئة العشرة، أو عقيم، بل ما هو أشنع من ذلك من الدعاوى؟!.
إن الأمر سيزداد تعقيداً ببقاء حوادث الطلاق كما هي، وإيجاد فريق