للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣].

أي: فلكل من يريد الجمع أن يتزوج من النساء باثنتين أو ثلاث أو أربم، سواء اتفق الأزواج في عدد زوجاتهن، أم اختلفوا، مع الشرط المذكور، وهو العدل بينهن.

وانعقد إجماع المسلمين من أهل السنّة، والظاهرية، والزيدية، والإباضية، والإمامية على إباحة ما صرّح به القرآن من الاثنتين والثلاث والأربع، فلم يقل أحد من المسلمين إنه لا يجوز التزوج بأربع أو ثلاث أو اثنتين.

وقرن الله بين العدل في اليتامى، والعدل في النساء؛ إشارة إلى أنهما مسألتان مهمتان في الحياة الاجتماعية، لا تصلح الحياة بالجور على اليتامى؛ كما أنها لا تصلح بالجور على الزوجات في عصمة واحدة، ففي كليهما يستطيع الرجل إذا خُفَي ونفسه أن يتصرف في مال بغير حق، فإن كان ولياً ليتيم، تصرف في ماله بسلطان الولاية، وإن كان زوجاً، تصرف في مال الزوجة بسلطان الزوجية.

وحاول بعض أهل العصر، بل زعم أن الإسلام لا يبيح تعدد الزوجات، فإنه شرط للتعدد العدل، ثم قال: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} [النساء: ١٢٩]، فنفى استطاعة الإنسان العدل الذي هو شرط للتعدد، فتبطل إباحة التعدد لبطلان شرطه.

ولو لم يرد في إباحة التعدد سوى هاتين الآيتين اللتين أوردهما المعاصر، لبيَّنَّا له المراد من العدل فيهما، وحسبنا ذلك، ولكن إباحة التعدد وردت في غير هاتين الآيتين من القرآن أيضاً، والحديث، وعمل السلف الصالح.

فقد قال الله تعالى عند ذكر المحرمات من النساء: {وَأَنْ تَجْمَعُوا