فكانت هذه العلوم موصلة إلى الأحكام التي يتوقف الإيمان على الإذعان لها، وذو البصيرة يعرف من الشواهد التي تساق على المسألة المُصِيبَ من اللغويين والنحاة.
ولما كانت الشريعة عامة خالدة، جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بمعجزات شاهدها من حضر في عهد النبوة.
وأعظم هذه المعجزات باقٍ ميسَّر إدراكه لمن جاء بعده - صلى الله عليه وسلم -، وهو القرآن الكريم.
ومن هنا اعتنى العلماء بالبحث عن وجه إعجازه، ووضعوا علوم البلاغة التي هي: البيان، والبديع، والمعاني. فالبلاغة علومٌ اقتضى وضعها كمال الإيمان، ولما وليت التحرير بالقلم العربي في وزارة الحربية بالآستانة، قدموا لي ورقة لأكتب فيها شخصيتي، وما أميل إليه من العلوم أكثر من غيره، وجهة تخصصي العلمي، فكتبت أني مختص بعلوم البلاغة، وأصول الفقه الإسلامي، وكان بجانبي أحد علماء "شنقيط"، فقال لي: لِمَ زدت وصف (الإسلامي)؟ فلم يسعني إلا أن قلت له: كتبتها لزيادة الإيضاح؛ وقد سمعت من يسمي القوانين الوضعية: فقها، فيضعون بالطبيعة للقوانين الوضعية أصولاً، فتكون كلمة (الإسلامي) للاحتراز من غيره.
ولما كانت معرفة سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - تزيد في الإيمان قوة، ألّف فيها بعض العلماء كتباً خاصة؛ كما فعل القاضي عياض في كتاب "الشفاء"، وغيره، فكان علم السيرة من العلوم التي يزداد بها الإيمان كمالاً.
ولما كان علم التاريخ مما يزيد الإيمان طمانينة، والأخلاق حسناً، وأشار إليه القرآن الكريم بقوله:{وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ}[إبراهيم: ٥]، صار