كالمرؤوس بالنسبة إلى الرئيس. أما الصرامة، فمقتضياتها في الأمم المثقفة قليلة، وقلتها بحسب تفاوت الأمم في الثقافة، واستعمالها في موضعها مشعر بأن الرفق بالضعيف صادر من مكارم الأخلاق، لا من ضعف في الطبيعة.
ومن الضعفاء الذين يتأكد الرفق بهم: المساكين؛ فيخاطبون بلطيف القول، ويعاملون بالتي هي أحسن، من غير مَنّ ولا استكثار.
وكان - صلى الله عليه وسلم - يحثّ على إخفاء الصدقة؛ كما ذكر في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، فقال:"ورجل تصدق بصدقة، فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه".
وأخبرت وأنا في (ألمانيا): أن هناك جمعية خيرية ترسل في البريد إلى المحتاجين المعونة من غير أن يعلموا من أين جاءتهم.
وهذا المعنى وجد في جزيرة العرب قبل ما يزيد على ألف سنة؛ فقد جاء في تاريخ أحد أهل الخير: أنه كان يرصد المعونة إلى المحتاجين من غير أن يعرفوه، ولما مات، وانقطعت عنهم المعونة، عرفوا أنه هو الذي كان يرسل إليهم المعونة.
ومن الضعفاء الذين يتأكد الرفق بهم: الأيتام؛ فقد كان شأن آبائهم أن يقوموا بمآربهم، ولما فقدوهم، فقدوا الحنان الذي كان يسعى بحاجتهم، فأمر الله بالمحافظة على أموالهم إن كان لهم مال، قال تعالى: