للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ائتلافهم وطاعتهم.

وذكر المؤرخون عن بعض كبار الرؤساء: أنهم يحسنون القول والعمل مع كل من واجههم. فانظر إلى ما كتب في ترجمة الوزير أبي بكر بن عبد العزيز الأندلسي؛ فقد قالوا: إنه كان يبتسم في مواضع القطوب، ويظهر الرضا في مواضع الغضب، ويجتهد ألا يخرج عنه أحد غير راض، وإن لم يستطع الفعل، عوض عنه القول.

ومن الضعفاء الذين يتأكد الرفق بهم: أهل البيت بالنسبة إلى رب البيت، فيخاطبهم باللين من القول، ويؤنسهم بما لا يخل بهيبته.

وانظر إلى ما قصه الله تعالى من موعظة لقمان - عليه السلام - لابنه - وكلها نصح وحنان -، منها قوله:

{يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: ١٧ - ١٨].

وفي الحديث الصحيح: أن نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - كن يراجعنه في الكلام، ويتقبل منهن ذلك؛ وكان رجال قريش لا يتقبلون مراجعة الكلام من نسائهم.

وفي الصحيح أيضاً: أن أنس بن مالك قال: "خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين، فما قال لي: أفٍّ، ولا لم صنعت؟ ولا ألا صنعت؟ ".

ومن الضعفاء الذين يتأكد الرفق بهم: الغرباء، الذين يسمّون في عرف الشارع بأبناء السبيل، فإنهم لا يعرفون العادات الجارية في الناس، ولا يعرف الناس عنهم سوى أخلاقهم أو ثقافتهم، فإن راقتهم، قدروها قدرها، وإن لم ترقهم، ابتعدوا عنهم بقدر ما عرفوه من حالهم.