ومن الضعفاء الذين يتأكد الرفق بهم: المرضى، فيحسن من الطبيب - بعد أن يفحص المريض بجد، ويتحرى الدواء الناجع - أن يخفف عن المصاب بالقول اللين، ويخاطبه خطاب من يرجو له الشفاء، والطبيب الماهر يسره شفاء المرضى على يديه أكثر مما يدخره المترفون في خزائنهم.
حكي: أن الطبيب أبا علي بن جزلة كان يحمل لمن يعرفهم الأشربة والأدوية بغير عوض، ويتفقد الفقراء، ويحسن إليهم.
وأخلاق الأطباء في بلاد الإسلام كريمة، والأمل تأليف رسالة خاصة في أخلاق الأطباء، وحسن خدمتهم للإنسانية. ونحن نعلم يقيناً أن عادات الناس تختلف في نفسها، ولكن الأخلاق الكريمة لا تختلف في نفسها باختلاف المواطن والعصور.
فالضعيف محتاج إلى من يشد أزره بالرفق، والشارع يرغب في أن تكون درجات الضعفاء قريبة من درجات ذوي القوة، وإنما يقربون من ذوي القوة بالرفق والتراحم، وإنفاذُ رغبة الشارع أعلى هدف يرمي إليه الإنسان في هذه الحياة.
والرفق بالضعفاء يدعو الحاكم إلى أن يفكر في الطريق الموصلة له إلى حقهم.
والرفق في القضاء هو الذي حمل بكار بن قتيبة قاضي مصر على وعظ المدعى عليه إذا وجبت عليه يمين، ويتلو عليه قوله تعالى: