الوزير خير الدين التونسي إلى الآستانة، وخاطب السلطان بقصيدة، فأمر السلطان بإعطائه وساماً، وقال له المكلف بإعطاء الأوسمة: هذا وسام براتب، فأبى قبوله، وقال: إن من العيب عندنا أن يحمل العالم وساماً، فلما عاد إلى تونس، قال له ملك تونس: لو قبلتَ الوسام، لغضبت عليك؛ لأني كنت عرضت عليك مثل ذلك، فأبيتَ.
ومن أدباء العلماء: الشيخ المكي بن عزوز، فكان عالماً جليلاً، وأديباً كاملاً.
ومن شعره: قوله في أستاذه حين ختم كتاب "المواقف" دراسة:
إذا عمر بن الشيخ وافى لدرسه رس ... تعال التقط درّاً بملء جفان
وقال فيه لما تولى الفتوى:
بك جامع الزيتونة السامي غدا ... في العدّ لا يرضى بغير الخنصر
يريد: أن إصبع الخنصر أول الأصابع في العدّ والحساب.
ومن أدباء العلماء: الشيخ عبد الرحمن قراعة المفتي بمصر، فقد كان عالماً كبيراً، وأديباً بليغاً.
بعد ما قدمنا من الأمثلة لاجتماع العلم والأدب لطائفة من العلماء، يتبين أن الأدب معدود بين العلوم المطلوبة، والصفات المكملة للعالم، وقديماً كان في الناس من غالى في مدح الشعر، فقال:
ولولا خلال سنّها الشعر ما درى ... بغاةُ العلا من أين تؤتى المكارم
والأدب له أسلوبان: الشعر، والنثر الفني، فكل منهما يستعمل في الهزل والجد، غير أن الهزل على الشعر أغلب، وربما وجد في الشعر من