ومن المالكية من يرى: أن الإصبع التي تلي الإبهام إنما تحرك وقت قول المصلّي: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كما يقول الشافعي.
ونسب هذا القول إلى يحيى بن عمر الأندلسي، ويحيى بن مزين. وفهم بعضهم شهرته من تصدير ابن الحاجب في "مختصره الفقهي"؛ إذ قال:"ويشير بها عند التوحيد".
وجعل ما ذهب إليه خليل، وابن عرفة هو القول الثاني.
ولعل ما روي عن الإمام مالك من أنه كان يلح في تحريك إصبعه، أو يواظب على تحريكها عند التشهد في "العتبية"، وليس في "المدونة"- حسبما بحثنا- شيء يتعلق بإشارة السبابة، أو تحريكها في التشهد.
ويوجد في كتاب "إعلام الموقعين" لابن قيم الجوزية غلط واضح، هو:"أن بعض الفقهاء خالفوا السنّة الصحيحة المحكمة، وعدّ منها: إشارة المصلي في التشهد بإصبعه". وأورد حديث ابن عمر، وحديث ابن الزبير، وغيره، وقال:"فردوا ذلك كله بحديث لا يصح، وهو ما رواه محمد بن إسحاق، ونصه "التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء، ومن أشار في صلاته إشارة تفهم منه، فليعدها" ثم قال: "والصحيح عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يشير في الصلاة".
ولم أر من المالكية من استدل بهذا الحديث على عدم الإشارة بالإصبع.
وقد ذكر هذا الحديث بسنده الإمام الطحاوي في "شرح معاني الآثار" مستدلًا به لمن يقول: الإشارة في الصلاة لحاجة؛ كتسليم الداخل، تبطل صلاته، وليعدها، فالإشارة في هذا الحديث يراد بها: الإشارة لحاجة؛ كردّ السلام، والإشارة في حديث ابن عمر يراد منها مدّ الإصبع في التشهد.