للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} [الأعراف: ٧٣].

والجواب عن الثاني: أنه جمع عليهم الثلاثة أنواع من العذاب: الصيحة، والرجفة، وعذاب الظلة (١).

دعا شعيب - عليه السلام - قومه إلى نبذ ما كانوا يعبدون من دون الله، والإقلأع عن الفساد، {قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} [هود: ٨٧]، وأتاهم بآية بينة على صدق رسالته، أشار إليها القرآن الكريم بقوله تعالى فيما يقصه من قول شعيب: {قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأعراف: ٨٥]، والآية ما يجريه على الرسول من المعجزة. وسلك في دعايتهم كل طريق حكيم من التبشير؛ كقوله: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود: ٩٠].

أو الإنذار؛ كقوله: {وَيَاقَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} [هود: ٨٩] (٢).

وقوله: {إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ} [هود: ٨٤].

ولم ينتفع القوم بالآيات والمواعظ، فأصروا على كفرهم وفجورهم،


(١) لم يبين القرآن الكريم حقيقة هذا العذاب، والذي يذكره الرواة: أن الله تعالى بعث عليهم ريحاً حارة شديدة، فأخذت بأنفاسهم، وبعث عليهم سحابة، فأظلتهم من الشمس، وهي الظلة، حتى إذا اجتمعوا تحتها، أسقطها الله عليهم ناراً، ورجفت بهم الأرض، وجاءتهم الصيحة من فوقهم.
(٢) قوم لوط لم يكونوا ببعيد من قوم شعيب، لا في الزمان، ولا في المكان، ولا في الصفات والأفعال القبيحة.