للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الجاحظ في كتاب "البيان والتبيين": وكانوا (أي: العرب) يتحالفون على النار، ويتعاقدون، ويأخذون العهد المؤكد، واليمين الغموس.

وقال في كتاب "الحيوان": "كانوا لا يعقدون حلفهم إلا عند نار، فيذكرون عند ذلك منافعها، ويدعون الله بالحرمان والمنع من منافعها على الذي ينقض الحلف، ويخيس بالعهد".

وجاء في قصيدة الأعشى التي مدح بها المحلق ما يشير إلى أنهم كانوا يتحالفون على الرماد، وهو قوله:

رضيعَي لبانِ ثدي أُمِّ تقاسما ... بأسحمَ داجٍ عَوْضُ لا نتفرق (١)

وأورد صاحب "العقد الفريد" هذا البيت، وقال: قوله "تقاسما بأسحم داج" يقول: تحالفا على الرماد، وهذا شيء تفعله الفرس؛ لئلا يتفرقوا أبداً.

ومن أثر المجوسية في العرب: زعمهم أن ابن المجوسي إذا كان من أخته، وخط على النملة (٢)، تبرأ وتنصلح، قال بعض شعرائهم:

ولا عيب فينا غير عرق لمعشر ... كريم وأنا لا نخط على النمل

يريد: أنا لسنا بمجوس ننكح الأخوات، وكانوا يكنُّون عن المجوسي


(١) قبل هذا البيت بيتان هما:
لعمري لقد لاحت عيون كثيرة ... إلى ضوء نار في يفاع تحرّقُ
تُشب لمقرورين يصطليانها ... وبات على النار الندى والمحلّقُ
(٢) هي بثيرة تخرج في الجسد بالتهاب واحتراق، ويرم مكانها يسيراً، ويدب إلى موضع آخر كالنملة، وتطلق على قروح في الجنب كالنمل. "القاموس".