للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وظهرت اليهودية في بلاد اليمن منذ عهد بعيد، ودخل فيها بعض ملوك حمير، فقامت دولة متهودة (١)، إلى أن جاء الجيش، فقوضوا أركانها، ولكن بقيت طوائف من اليهود مفرقين في البلاد. وسبق كتاب المنذر أمير البحرين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيه يقول: "بأرضي مجوس ويهود، فأحدث إلي في ذلك أمراً".

وقال الجاحظ: "وجاء الاسلام، وليست اليهودية بغالبة على قبيلة إلا ما كان من ناس من اليمانية، ونبذ يسير من جميع إياد وربيعة، ومعظم اليهودية، إنما كان بيثرب، وحمير، وتيماء، ووادي القرى في ولد هارون، دون العرب" (٢).

وفي أهل نجران الذين أجلاهم عمر بن الخطاب من الجزيرة يهود، ومما يقولونه في سبب ظهور اليهودية في اليمن: أن الدولة الرومانية بالشرق بعد أن انتهت من بسط سلطانها على الممالك المجاورة لجزيرة العرب، وجهوا أنظارهم على الاستيلاء على أطراف الجزيرة العربية، فأرسلوا وفوداً من الرهبان لنشر الديانة المسيحية بالجزيرة؛ تمهيداً لتنفيذ خطتهم السياسية الاستعمارية (٣)، وتنبه ملوك حمير لهذه الغاية، فدخلوا في اليهودية، ودعوا


(١) قال بعض المؤرخين من المستشرقين: إن دولة حمير اليهودية لم تظهر إلا في القرن الخامس بعد المسيح، واستشهد على هذا بقول الطبري: إن تبان أسعد ملك حمير وصاحب الدعوة اليهودية، كان في نهاية القرن الخامس.
(٢) "رسالة في الرد على النصارى".
(٣) هذه الحيلة يعمل بها الدول المسيحية اليوم، فيرسلون دعاة النصرانية إلى بلاد الإسلام؛ ليمهدوا لهم السبيل إلى احتلالها، أو ليعينوهم على تثبيت سلطانهم =