للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما قلنا إنه إذا عفى بعضهم بعد الإيمان كان لمن يعف أنصباؤهم من الدية لأن القود بتعذر مع عفو من عفى، ولا يجوز أن يبطل الدم بعد استحقاقه في حق من لم يعف والقود إنما تعذر مع استحقاق بدل الدم فلم يبق إلا الدية، ووجه افتراق الولد والأخوة ومن بعد من العصبات إن قرب الولد والأخوة أمس ورحمهم آكد بدلالة أنهم يحجبون الأم عن الثلث إلى السدس ولهم من المزية ما ليس لغيرهم فلم يكن نكول غيرهم مؤثرًا في سقوط القود، ووجه التسوية بينهم اتفاقهم في ولاية الدم كالولد والأخوة.

وإنما قلنا لا يقتل بالقسامة أكثر من واحد خلافًا للشافعي (١)، لقوله - صلى الله عليه وسلم - "يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع إليكم برمته" (٢)، ولأن القسامة أضعف من الإقرار والبينة، ولأن الردع يحصل بقتل واحد منهم.

إذا ثبت أنه يقتل واحد فقط فلا دية على الباقين خلافًا لمن قال (٣) بقسط تقسيط المقتول ويلزم الباقون بقسطهم (٤) لأن الباقين لم يثبت عليهم الدم لا بقسامة ولا بغيرها فلا وجه لإلزامهم الدية.

وإنما قلنا يضرب من عفى منهم (٥) مائة ويحبس سنة لأنه قد روي قاتل العمد إذا عفي عنه ضرب مائة وحبس سنة، ولأنه قد كان (٦) يجوز أن يقتل بأن يقسم عليه فلما لم يقتل وجب تأديبه وكان معتبرًا بالزاني أن الزنا لما كان مع الإحصان يوجب القتل كان إذا عري من الإحصان يوجب ضرب مائة وحبس سنة.


(١) انظر الأم: ٦/ ٩٥ مختصر المزني: ٢٥١.
(٢) سبق تخريج الحديث ١٣٤٥.
(٣) هذا ما قاله الخرقي من الحنابلة انظر (المغني: ٨/ ٨٩ - ٩٠).
(٤) في ر: يسقط بقسطة عن المقتول ويلزم الباقون بقسطهم.
(٥) في م ور: من بقى.
(٦) كان سقطت من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>