للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآدميين، ألا ترى أن من غصب رجلا شيئًا وأتلفه ثم تاب فإن بدله واجب عليه كذلك القتل والجراح (١) وغيره، ولأن التوبة من هذه الأشياء إذا انفردت عن الحرابة لا تسقط حقوق الناس (٢) المتعلقة بها فكذلك إذا انضمت إليها.

وإنما قلنا يقتل فيها المسلم بالكافر والحر بالعبد لأن ذلك ليس بقتل قصاص فيمتنع ويراعى فيه تكافؤ الدماء وإنما هو لحق الله ولذلك قلنا إنه لا عفو لولي الدم لأن قتله ليس لأجل البدل عن قتل وليه يدل عليه إذا سقط عنه القتل لحق الله وصار حينئذ قتل قصاص فثبت للولي حق العفو، وإنما قلنا أن حكم اللص حكم المحارب لأنه طالب للمال آخذ للنفوس غلبة فكان نوعًا من المحاربة، وإنما قلنا إن للإنسان دفعه عن ماله ومنعه وأنه لا شيء في قتله لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل دون ماله فهو شهيد" (٣)، فلولا أن قتله (٤) بحق وإلا لم يكن شهيدًا بالقتل، وروي أن امرأة خرجت تحتطب فتبعها رجل فراودها عن نفسها فرمته بحجر فقتلته فوقع ذلك إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: قتيل الله والله لا يودى أبدًا فأهدر عمر رضي الله عنه (٥) دمه (٦) ولأنه إذا قصد غيره ظلما (٧) طلبا لقتله أو ماله فالمقصود مضطر إلى دفعه عن نفسه فكان اللص معاونا فوجب أن يهدر دمه.

****


(١) في ق: والجروح.
(٢) في م: الآدميين.
(٣) أخرجه البخاري في المظالم باب من قاتل دون ماله: ٣/ ١٠٨، ومسلم في الأيمان باب الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره: ١/ ١٢٥.
(٤) في م: قتاله.
(٥) رضي الله عنه: سقطت من م.
(٦) أخرجه عبد الرزاق: ٩/ ٤٣٥، البيهقي: ٨/ ٣٣٧.
(٧) ظلمًا: سقطت من ق.

<<  <  ج: ص:  >  >>