للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي طريقه إلى مصر مرّ على دمشق فاجتاز في وجهته تلك بمعرة النعمان وبها يومئذ أبو العلاء أحمد بن سليمان (١) فضيفه وقال فيه:

والمالكي ابن نصر زار في سفر … بلادنا فحمدنا النآي والسفر

إذا تفقه أحيا مالكًا جدلًا … وينشر الملك الضليل إن شعرا (٢)

والملك الضليل هو امرؤ القيس وكفى بها شهادة لشاعرية هذا الفقيه من أبي العلاء فيلسوف الشعراء (٣).

ولما وصل إلى مصر تولى القضاء، فحمل لواءها وملأ أرضها وسماها واستتبع سادتها وكبراءها، وتناهت إليه الرغائب وانثالت في يديه الرغائب (٤)، وكانت نيته المواصلة إلى المغرب (٥)، فأكرمه أهل المغرب ورفعوا من قدره وشأنه وحصل له هناك حال من الدنيا، فممن أكرمه الإمام أبي محمد أبي زيد القيرواني، فقد ذكر أنه بعث إلى القاضي عبد الوهاب بألف دينار عينًا، فلما بلغته قال: هذا رجل وجبت على مكافأته فشرح الرسالة (٦).

وبالنظر إلى سنة وفاة الشيخ أبي محمَّد بن أبي زيد (ت ٣٨٦ هـ)، نقول: لعل هذه الصلة كانت ببغداد أو من أبناء الشيخ الذين خاطبوا القاضي عبد الوهاب، وانعقدت بينه وبينهم صلة بسبب شرحه تآليف أبيهم، ووصلوه بمال يرضه واستدعوه للدخول إلى المغرب فكتب إليهم.


(١) أبو العلاء المعري: هو أحمد بن عبد الله بن سليمان، ولد بمعرة النعمان وهي قرية تقع في الجنوب الغربي من مدينة حلب، له نظم "لزوم ما لا يلزم"، و"الهمزة والردف"، توفي سنة ٤٤٩ هـ. (وفيات الأعيان: ١/ ١١٣، وسير علام النبلاء: ١٨/ ٢٣).
(٢) الذخيرة: ٤/ ٥١٦، سير أعلام النبلاء: ١٧/ ٤٢٩.
(٣) انظر: أدب الفقهاء - عبد الله كنون ص ٣٦.
(٤) الديباج المذهب: ٢/ ٢٦، الوفيات: ٢/ ٢١٩، الذخيرة: ٤/ ٥١٦.
(٥) ترتيب المدارك: ٧/ ٢٢٥.
(٦) معلم الإيمان: ٣/ ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>