للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويلاحظ أن القاضي عبد الوهاب بعد رحيله عن بغداد تأثر كثيرًا من ابتعاده عنها وبدى منه ندم عظيم، ويظهر ذلك من خلال أشعاره التي كتبها في ذلك، ومنها قوله (١):

أنا في الغربة أبكي … ما بكيت عين غريب

لم أكن يوم خروجي … من بلادي بالمصيب

نجيا لي ولتركي … وطنًا فيه حبيبي

وقال (٢):

قطعت الأرض شهري ربيع … إلى مصر وعدت إلى العراق

فقال لي الحبيب وقد رآني … سبوقًا للمضمرة العتاق

ركبت على البراق؟ فقلت: كلا … ولكني ركبت على اشتياقي

وقال يتشوق إلى بغداد (٣) في قصيدة طويلة نختار منها:

خليلي في بغداد هل أنتما ليا … على العهد مثلي أدم غدًا العهد باليا

وهل أنا مذكور بخير لديكما … إذا ما جرى ذكره بمن كان نائيا

وهل ذرفت عند النوى مقلتاكما … عليَّ كما أمسى وأصبح باكيا

وكم قائل لو كان ودك صادقًا … لبغداد لم ترحل، فكان جوابيا

يقيم الرجال الأغنياء بأرضهم … وترمي النوى بالمعسرين المراميا

وما هجروا أوطانهم عن ملالة … ولكن حذارا من شمات الأعاديا

وقال وهو يبكي على بغداد (٤):

أتبكي على بغداد وهي قريبة … فكيف إذا ما ازددت عنها غدا بعدًا


(١) الذخيرة في محاسن الجزيرة: ٤/ ٥٢٥.
(٢) المصدر السابق: ٥/ ٥٢٨.
(٣) المصدر السابق: ٤/ ٥٢٧.
(٤) المصدر السابق: ٤/ ٥٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>