للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعمرك ما فارقت بغداد عن قِلي … لها إن وجدنا للفراق بها بدًا

إذا ذكرت بغداد نفسي تقطعت … من الشوق أو كادت تموت بها وجدا

أنا ذاك الصديق لكن قلبي … عند قرب الديار ليس بقلب

ما انتفعنا بقربكم ثم لا لو … ـم عليكم وإنما الذنب ذنبي

أنا في خطبة وأسأل ربي … في خلاصي من شرها ثم حسبي

لقد خاطب فقهاء القيروان في الوصول إليها فرغبه في ذلك أبو عمران الفاسي وكسره عنه أبو بكر بن عبد الرحمن (١).

ويجب أن نذكر أنه رحل إلى مكة لأداء فريضه الحج، وفي أثناء تأديته لهذه الفريضة حصلت بينه وبين المنتصر بالله حاكم مصر وقتئذٍ مراسلة فيما يلي نصها (٢):

إلى المنتصر بالله صاحب مصر:

حصن الله المؤمنين من الشيطان بجنن الطاعة ودثرهم من قر وسواسه بسرابيل القناعة، ووهبهم من نعمه مددًا ومن توفيقه رشدًا، وصيَّرهم إلى منهج الإِسلام وسبيله الأقوم وجعلهم من الآمنين فيما هم عليه موقوفون وزيَّنهم بالتثبيت فيما عنه مسؤولون: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} (٣).

كتابي إليك من الجب بإزاء مصرك وفناء برك بعد أن كانت بغداد لي الوطن والألفة والسكن، ولما كنت على مذهب صحيح ومتجر ربيح كثرت عليَّ الخوارج، وشق علي الماء ارتقاء المناهج {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (٤)، فأتيت مكة -حرسها الله- لكي أقضي فرض الحج من


(١) ترتيب المدارك: ٧/ ٢٢٦.
(٢) الذخيرة: ٤/ ٥٢٠.
(٣) سورة فصلت، الآية: ٤٦.
(٤) سورة الحج، الآية: ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>