ومن تلك الوجوه: غزارة حِكَمِهِ ونبوغها؛ بحيث جاءت آخذة بأسباب السعادة، آتية على الخصال التي تسمو بها الأفراد والجماعات إلى سماء السيادة، ومن أمثلة هذا قوله تعالى:
فمن الطبائع الغالبة على البشر: التسرع إلى إذاية العدو بما أمكن. ومن مقاصد القرآن: تقويم الطباع التي تنزع إلى الأذى، وتبعث على التقاطع، فجاءت هذه الآية تامر الإنسان بأن يسللك في دفع خصمه الطريقة التي هي أجمل؛ رجاء أن يكون لهذه المجاملة أثر صالح، هو قلب العداوة ألفة وصداقة.
أمر بالتثبت فيما ينقله الفاسق؛ حذراً من أن يكون حديثاً مفترى، فيكون العمل عليه على الجهالة، وعاقبة عمل الجاهل ندامة وخسران، وكم من بلاء يلحق الأشخاص أو الجماعات من اندفاعهم إلى العمل على خبر الفاسق قبل أن يتبينوا!.
وانظروا إن شسّم إلى قوله تعالى:{وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ}[التوبة: ٨]. فهذه الآية نصيحة للأمة بأن لا ينخدعوا لقول لين، ووعد مؤكد يبذله لهم العدو، فيركنوا إليه بقلوبهم، ولا يأخذوا منه حذرهم، فإذا هو يبسط عليهم