ففي الآيتين برهان قائم على وجوب وحدة الإله، وأن الألوهية تقضي الاستقلال بالتصرف في السماوات والأرض تغييراً وتبديلاً، إيجاداً وإعداماً.
وكقوله يدفع شبهة منكري البعث، ويريهم أنه من قَبيل ما يدخل تحت سلطان قدرته: [قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس: ٧٨ - ٧٩].
وهكذا نجده يأتي على شُبههم بما يزيحها، وينادي على غلطهم في إيرادها؛ كقوله تعالى في الرد على من ألحفوا في أن يكون الرسول مَلَكَاً:{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ}[الأنعام: ٩] , يريد: أنهم لا يستطيعون الأخذ من المَلَك وهو في صورته الملكية، ولو بعثه إليهم في صورة بشر، لعادوا إلى هذا اللبس الذي يلبسون، وما كانوا مؤمنين.
فجميع حجج القرآن واردة على قانون المنطق الصحيح، ومن لم ينتفع بها، ويستقم على طريقتها، فلأنه استكبر عليها، أو لم يوقع النظر على وجه دلالتها.
قال الرازي:"وقد تأملت. الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي عليلاً، ولا تروي غليلاً، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأحسن الأدلة العقلية: الأدلة التي بينها القرآن، وأرشد إليها الرسول، فينبغي أن يعرف أن أجلَّ الأدلة العقلية وأكملها