للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: ٨]. ونقرأ في الصحيح: أن غلاماً يهودياً كان يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فمرض الغلام، فعاده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعاه إلى الإسلام، فأجاب الدعوة، ومات مسلماً. وحسن معاملته - عليه الصلاة والسلام - للمخالفين الذين دخلوا معه في عهده، أو رضوا بأن يعيشوا تحت راية الإسلام، من أوضح الشواهد على سماحة الدين الحنيف، وبنائه على رعاية قاعدتي: الحرية، وتوطيد السلام، فراية الإسلام صالحة لأن تخفق على رؤوس أمم مختلفة في عقائدها، متفاوتة على مرافق حياتها.

٤ - طائفة المخالفين المحاربين: وهؤلاء يخرج لهم - عليه الصلاة والسلام - في مظهر الحزم والاحتراس، ويدفعهم بالتي هي أحكم وأعدل، فيرفق بهم إن كان هنا موضع للرفق، ويأخذ فيهم بسنة العزم إن طغى بهم الشر، فلم يكن الرفق ليزيدهم إلا تمرداً.

فإذا أذن - صلوات الله عليه - بقتل كعب بن الأشرف، فلأن كعباً هذا كان شاعراأ، وكان يهجو رسول الله، ويحرض عليه كفار قريش، ويفعل بعد هذا شيئاً هو أشد على قلوب العرب من وقع السهام النافذة، وهو أنه كان يشبب بنساء المسلمين، وقد احتمل منه النبي - عليه الصلاة والسلام - هذا الأذى حيناً، ولما أبى كعب أن ينزع عن إثارة هذه الفتن، أذن لأحد الأنصار في قتله؛ ليميط عن سبيل الدعوة إلى الله حية تسعى، ويدفع عن أعراض المسلمين شعراً مقذعاً.

قال سخيفٌ معروف في العراق يتزلف لمذهب النصرانية: إن عيسى فدى العالم بنفسه، ومحمداً قاتل أعداءه حرصاً على حياته.

ومن ذا يجهل أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - قد أفاض على العامل حكمة وهداية