ويحلفون بأسمائها؛ كما قال عبد العزيز بن وديعة المزني:
إني حلفت يمين صدق برة ... بمناة عند محل آل الخزرج
ويؤلفون أسماء أبنائهم من أسمائها بقصد التبرك بها؛ نحو: عبد العزّى، وعبد يغوث، وعبد نهم، وعبد مناف، وزيد اللات، وزيد مناة.
وقد اشتد تعلق العرب بعبادة الأوثان، وكانوا يحبونها حب المؤمن لله.
ومن شواهد إغراقهم في حبها: أن أبا أحيحة بن العاص أدركه مرض الموت، فبكى، فقيل له: أمن الموت تبكي، وهو أمر لا بد منه؟ فقال: لا، ولكني أخاف أن لا تعبد العزّى بعدي.
وقد تنبه بعض العرب قبل الإسلام لما في عبادة الأصنام من باطل، وأدركوا أن عقيدة التوحيد حق لا ريب فيه؛ كزيد بن عمرو بن نفيل، ولكنه لم يقم بدعوة تعيد - ولو طائفة من عباد الأصنام - إلى سيرة التوحيد، ذلك لأن عماية الشرك التي استحوذت على القلوب مرض مزمن لا يبرئ منه إلا حكمة يوحي بها رب العالمين إلى رسول أمين ذي خلق عظيم.
ظلت الأمة العربية تتخبط في هذه العماية، فخسرت الحياة الطيبة، وضلت سبل السعادة، حتى بعث الله محمداً - صلى الله عليه وسلم -، فجاهد في إخراجها من ظلمات الوثنية إلى عقيدة التوحيد الخالصة، فأصبحت أمة راجحة الأحلام، صافية البصائر، شديدة الثقة بالله، حقيقة بأن تحمل الهداية العامة، والإصلاح الإلهي إلى الشرق والغرب.
وقد جاهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوثنية بوسائل كثيرة، أخذ يدعو إلى الاعتقاد بأن خالق الكون ومدبِّره هو الله الواحد القهار، ويقيم البراهين على أن عبادة الأوثان من انحطاط الفكر، وسفاهة الرأي. يقول هذا ويؤيده بالحجة، ويذكر