وقدم وفد خولان المدينة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما فعل صنم خولان الذي كانوا يعبدونه؟ "، قالوا: بدلنا الله به ما جئت به، إلا أن عجوزاً وشيخاً كبيراً كانا يتمسكان به، وإن قدمنا عليه، هدمناه - إن شاء الله تعالى -، ولما رجعوا إلى قومهم، بادروا إلى هدمه، وهذا الصنم هو الذي يسمى: عميانس.
تختلف العقول في التنبه لباطل الأصنام، والمبادرة إلى البراءة منها، فهذا سادن "نُهْم" بلغه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما فعل بالأصنام، فقام إلى ذلك الصنم، فكسره، وقال:
ذهبت إلى نهم لأذبح عنده ... عقيرة نسك كالذي كنت أفعل
فقلت لنفسي حين راجعت عقلها ... أهذا إله أبكم ليس يعقل
ولحق بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ودخل في الإسلام.
وذلك عمرو بن الجموح: كان قد اتخذ صنماً من خشب، فلما أسلم فتيان من قومه، أخذوا الصنم، وربطوا به كلبا ميتاً، وألقوه في بئر، فخرج عمرو يبحث عن معبوده، حتى وجده في البئر مقروناً بالكلب، فقال:
والله لو كنت إلهاً لم تكن ... أنت وكلب وسط بئر في قرن
وأسلم كما أسلم الفتيان.
وقد عرفتم كيف كسر إبراهيم - عليه السلام - أصنام قومه، وجعلها جذاذاً؛ ليدلهم على ضعفها، وعجزها عن دفع الأذى والمهانة عن نفسها، فزادهم ذلك طغيانًا، وأسرعوا إلى عقاب إبراهيم، وقالوا:{حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ}[الأنبياء: ٦٨].