وكذلك كان جهاده - صلى الله عليه وسلم - في هدم الأصنام، ومحو أثرها على الفور، ويأبى أن يبقي مظهراً من مظاهر الشرك بين قوم مسلمين، وهم قادرون على تحطيمه.
قدم عليه وفد ثقيف، وشرح الله صدورهم للإسلام، ولكن سألوه أن يدع لهم صنم اللات مقدار ثلاث سنين؛ مخافة أن يغضب لهدمه سفهاؤهم وبعض نسائهم، فأبى عليهم ذلك، وأرسل المغيرة بن شعبة لهدمه؛ كما ذكرنا آنفاً.
وقال راشد بن عبد الله السلمي يذكر ما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحبه بالأصنام:
قالت هلمَّ إلى الحديث فقلت لا ... يأبى الإله عليك والإسلام
أو ما رأيت محمداً وقبيله ... بالفتح حين يكسر الأصنام
ورأيت نور الله أضحى ساطعاً ... والشرك يغشى وجهه الإظلام
طهر محمد - صلى الله عليه وسلم - جزيرة العرب من عبادة الأوثان، وجرى أصحابه - صلى الله عليه وسلم - على هذه الطريقة في كل وطن نسجت فيه عناكب الشرك، فأبادوا الأصنام، وما يشبه الأصنام؛ كمعابد النار، وتفقهوا في الدين، فأخذوا في إبعاد الناس عن عقيدة الشرك بطريق الحزم، وسد الذرائع التي قد تفضي إليه، وشاهد هذا: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بلغه أن قوماً يأتون الشجرة التي وقعت تحتها بيعة الرضوان، فيصلون عندها، فتوعدهم، ثم أمر بقطعها، فقطعت.
وإنما قطع عمر هذه الشجرة؛ خشية أن يصير الأمر إلى الجهلة، فيبالغوا في تعظيمها إلى حد الاعتقاد بأنها تنفع أو تضر، خصوصاً أن العهد بعبادة