وتعرضهم في الفلوات لمن يمر بها، ومن هنا جاء اسم الغول والسعلاة، وذهب بهم هذا الغلو إلى مزاعم باطلة، وعادات منبوذة؛ كزعمهم في بعض الحيوان أنها نوع من الجن، أو من مراكب الجن، مثل: القنفذ، والأرنب، والظبي، والنعام، وزعموا أن الجن قالوا في أشعارهم:
وكل المطايا قد ركبن فلم نجد ... ألذ وأشهى من ركوب الأرانب
وللعرب في الجاهلية رقية يعالجون بها من اعتقدوا أن به مساً من الجن، تسمى:"النشرة"، وقد سئل عنها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال:"هي من عمل الشيطان". وكذلك ترى القرآن والسنة يحاربان إسراف العرب في الاعتقاد بالجن، وينبهان على ما نشأ عن هذا الإسراف من المزاعم الباطلة؛ كما قال تعالى في نفي أن يكون الجن يعلمون الغيب:{فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}[سبأ: ١٤]. وقال - صلى الله عليه وسلم - في إبطال ما يتخيلونه من الغول:"لا صفر، ولا غول".
ومما يؤسف له أشد الأسف: أن تعود الجماعات غير المهذبة إلى الاكثار من الحديث عن تصرفات الجن، ويتخذوا لمعالجتها أمثال ما كان في عهد الجاهلية؛ كهذا الصنيع الذي يسمونه:"الزّار".
وما كنا لنجد سلفنا الذين تهذبت نفوسهم ببعثة الرسول الأكرم - صلوات الله عليه - ما نجده في أزمنة متأخرة من المزاعم المتعلقة بالجن؛ كزعم اتخاذ زوجات منهم، أو رواية أحاديث نبوية عن بعضهم.
ومن مزاعمهم الفاسدة: أنهم كانوا إذا أجدبوا، وحبس عنهم المطر، عمدوا إلى نوعين من الشجر يقال لهما: السلع والعشر، فحزموهما، وعقدوهما في أذناب البقر، وأضرموا فيها النار، وأصعدوها في جبل وعر يستشفعون