في عظمته، وأن لا يبالغوا في تعظيمه ساحة ما يسمى عبادة، فهم يدرسون فيما صحت روايته مثالَ قوله - صلى الله عليه وسلم - وهو يتحدث عن عثمان بن مظعون -: "أما هو، فقد جاءه اليقين، والله! إني لأرجو له الخير، وما أدري والله وأنا رسول الله ما يُفعل بي".
فالناس يتخيلون لمحمد - صلوات الله عليه - عظمة غير العظمة التي يَسَّره الله لها، وخلع عليه رداءها، فذكر العظمة المتخيلة وعبادتها غير لائق بمقام الحديث عن عظمة رسول الله، واتجاه الناس إلى البحث عنها عندما يذكر مولده الكريم.
وإن وجد في الناس من يكبو في غلو، أو تصدر عنه كلمات جامعة عن السبيل، فهذا لا يسيغ لكاتب المقال أن يطلق القول في الذين يؤمنون بأن لمحمد - صلوات الله عليه - عظمة؛ فإن السواد الأعظم من المسلمين يشهدون بعظمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على النحو الذي سنلقي إليكم حديثه بعد قليل، وما كانوا يعبدونه في أي صورة من صور العبادات، ولعل الكاتب اشتهى أن يرمي المسلمين بشأن أهل ملة أخرى، فلم يتحرج من أن يذكر بحث الناس عن عظمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويلصق به على وجه التعليل الحديث عن إيمانهم بالعظمة المتخيلة، وعبادتهم لمظاهرها في صور من العبادات.
ذكر صاحب المقال أن هذه العبادة المتخيلة على أشكال متباينة، وقال: "فلكلٍّ في فهمها مذهبه، وله ما يهديه إليه الخيال، فللحكم ونفاذ الكلمة عظمةٌ يؤمن بها الملوك والحكام، ويعبدها الأذلاء والطامعون، وللغنى عظمة يؤمن بها الأغنياء، ويعبدها أشياعهم وأتباعهم، وللعلماء عظمة، ولها أيضاً عبادها، وللجمال عظمة يؤمن بها الغواني، وتهوي الجباه لها سجداً، وللصّ