للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يلقن الناس أحكام العبادات والمعاملات وشؤون الاجتماع رويداً رويداً؛ ليخف عليهم أمرها، ويسهل عليهم حفظها، فيصلحوا بها سير حياتهم، ويسوسوا بها غيرهم من الجماعات ما استطاعوا السبيل إلى إبلاغها وإنفاذها، وكان من حكمة الوحي: أن اتخذ من حالة الأمة الناشئة لذلك العهد أسباباً لورود الأحكام التي جاء بها؛ لتكون شريعة عامة خالدة، فإذا لبّى الوحي مطالب هذه الأمة الناشئة، فقد لبَّاها بتشريع ذي نصوص وأصول يقصد منها إصلاح حال كل أمة أينما وجدت، ومتى وجدت.

ثم إن الكاتب إذ ذكر اتجاه النبي - صلى الله عليه وسلم - في مقابلة اتجاه الوحي يريد: الاتجاه الذي يصدر عنه "بحق بشريته"، وقد انتقل من ذكره اتجاه النبي - عليه الصلاة والسلام - في المدينة بطريق حرف الترتيب والتعقيب إلى أنه أضيف له وظائف أخرى، ولا ندري: أيريد الكاتب أن هذه الوظائف أضيفت إليه من اتجاهه خاصة، أو يريد: أنها أضيفت إليه من اتجاهه واتجاه الوحي؟ فإنه يقول: "فأضيف بذلك إلى وظيفته في التبليغ وظائف أخرى"، فاسم الإشارة في قوله: "بذلك" ظاهر في عوده إلى اتجاه النبي - عليه الصلاة والسلام - وحده، ومحتمل لأن يعود إلى اتجاهه واتجاه الوحي بحمل ما يشار به إلى المفرد على أنه مشار به إلى اثنين، أما جعل هذه الوظائف صادرة من اتجاهه وحده، فغير معقول، والقرآن شاهد بأنه تولى الإمامة والقضاء بوحي؛ على ما نحدثك به من بعد، وليست الفتوى إلا تعريفًا للحكم الشرعي، فهي ظاهرة في معنى التبليغ المأمور به في مثل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: ٦٧].

وإذا أراد الكاتب أن هذه الوظائف أضيفت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من اتجاهه