للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجوز عليه الخطأ، أو لا يجوز، ثم قال: "وقد اتفق الفريقان على أنه لو أخطأ في اجتهاده، لم يقر على الخطأ".

ثم أشار كاتب المقال إلى ثلاث آيات يستشهد بها على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يجتهد، ثم ينزل الوحي بخلاف اجتهاده، فقال: "عاتبه الله على الإذن للمنافقين، وعلى أخذ الفداء من أسرى بدر، وعلى إعراضه عن الأعمى، فكان ذلك إيذانًا من الله بتخطئته في اجتهاده".

ونحن نحدثك عن هذه الآيات التي أشار إليها الكاتب، والوقائع التي نزلت الآيات في شأنها ليتضح لك أنه - عليه الصلاة والسلام - لم يجتهد في تقرير حكم شرعي، وجاء الوحي بخلاف اجتهاده، وإنما هي أفعال فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - يظن أنها الأَولى، فجاء الوحي ببيان أنها خلاف الأولى، وفي هذه الوقائع والآيات حكمة أطلعنا الله على شيء منها هو: أن العصمة لله وحده، وأن الأنبياء - عليهم السلام - معصومون من المعاصي كبائرها وصغائرها، وأنهم بالغون في الكمال النفسي والعملي أقصى غاية، ولكنه قد يقع منهم ما شأنه أن يبعد النفوس مما وقعت فيه بعض الطوائف من اعتقاد إلهيتهم، وأنهم مظهر من مظاهر الإله الحق، وما صدر من النبي - صلى الله عليه وسلم - في الوقائع الثلاث يصح حمله على هذا الوجه من الحكمة، وهو وجه - فيما أحسب - جدير بالقبول، والمجتهد يقرر أصولاً يرجع في تقرير كل أصل منها إلى ماَخذ من الأدلة السمعية؛ نحو: القياس، وسد الذرائع، ومراعاة العرف، ومراعاة المصالح المرسلة، ويستنبط الأحكام من الأصول، وتسمى هذه الأحكام بالفروع، ويطبق الحكم على الحادثة الجزئية حين تعرض.

وقد يقع للمجتهد الخطأ في تقرير أصل، أو استنباط حكم، أو تطبيق